الجدل الإيراني – الروسي يحتدم: صراع تيارات داخل طهران بين التحوّل شرقًا والتوازن مع الغرب

تشهد طهران في الأسابيع الأخيرة سجالاً سياسياً محتدماً حول مستقبل العلاقات الإيرانية – الروسية، بعدما تحوّل الملف إلى ساحة مواجهة بين التيارات السياسية المختلفة، لاسيّما بعد تصريحات الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، التي أعادت النقاش إلى الواجهة حول حدود التعاون مع موسكو ومخاطره.

فقد وجّه رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف انتقاداً علنياً لظريف وروحاني، معتبراً أن مواقفهما تُربك مسار الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في وقت “تحقق فيه العلاقات تقدماً مهماً”. وأشار إلى أن “التعاون مع الشرق” يُعدّ اليوم خياراً استراتيجياً لا يجب تقويضه بخطابات فردية أو اجتهادات شخصية.

ويأتي هذا الهجوم في لحظة دقيقة من العلاقات بين البلدين، عقب الرسالة المشتركة التي وجهتها طهران وموسكو وبكين إلى الأمم المتحدة، والتي أكدت انتهاء صلاحية القرار 2231 ورفض عودة العقوبات الأممية على إيران. قاليباف شدد على أن هذا التنسيق الثلاثي “إنجاز وطني”، داعياً التيارات السياسية إلى الاصطفاف خلفه.

لكن تصريحات ظريف الأخيرة، التي أشار فيها إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف “عرقل” بعض مراحل التفاوض النووي، فجّرت ردود فعل غاضبة داخل الأوساط المحافظة. وظريف أوضح أن موسكو “لا تريد لإيران أن تنفتح كلياً على الغرب ولا أن تصطدم به”، وهو ما رآه خصومه “تشويهاً” لصورة الشريك الروسي.

في المقابل، نفى مقربون من روحاني أن يكون قد أدلى بأي تصريحات عن روسيا، معتبرين أن الهجوم عليه “قائم على تحليلات مغلوطة”. وردّ مستشاره حسام الدين آشنا بسخرية قائلاً: “ليس جيداً أن يقرأ البعض ما يُملى عليهم دون تحقق”.

وتنعكس خلفيات هذا السجال على الانقسام العميق داخل النخبة الإيرانية بين رؤيتين للسياسة الخارجية:

  • الأولى، تمثّلها التيارات المحافظة، وترى أن “التحوّل شرقاً” مع روسيا والصين هو العمود الفقري للاستراتيجية الوطنية لمواجهة الغرب.
  • الثانية، يميل أصحابها إلى “تنويع العلاقات” لتجنّب الارتهان لأي محور، معتبرين أن روسيا، رغم أهميتها، تعمل وفق مصالحها أولاً.

ويعتبر مؤيدو ظريف أن مواقفه لا تهدف إلى تقويض التعاون مع موسكو، بل إلى ضمان أن تُبنى العلاقة على أساس المصالح المتبادلة لا التبعية السياسية. أما خصومه، فيرون أن توقيت تصريحاته “غير مناسب” في ظل الضغوط الغربية المتزايدة.

ويرى محللون أن هذا النقاش، رغم حِدّته، قد يشكل فرصة لإعادة صياغة الموقف الإيراني من موسكو بوضوح أكبر، شرط ألا يتحوّل إلى صراع داخلي يضعف ثقة روسيا بصلابة الموقف الإيراني. فموسكو، الغارقة في حربها الأوكرانية، تبحث عن شركاء “مستقرّين يمكن التنبؤ بمواقفهم”، فيما تسعى طهران إلى تثبيت موقعها ضمن محور الشرق دون أن تفقد استقلال قرارها السياسي.

  • عناوين ذات صلة

    ترامب يبدأ جولته الآسيوية من ماليزيا مؤكداً انخراطه في القمم الإقليمية وسط جدل اقتصادي

    وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ماليزيا أمس، مستهلاً جولة آسيوية تمتد لأسبوع وتشمل مشاركته في قمّتين وعدداً من اللقاءات الثنائية. وتبدأ الجولة بحضوره قمّة «رابطة دول جنوب شرق آسيا»المزيد

    Read more

    ترامب يصل إلى اليابان لمواصلة جولته الآسيوية ويعوّل على اتفاق مع الصين

    وصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى اليابان، المحطة الثانية في جولته الآسيوية، وسط أجواء من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق يضع حداً للخلافات الاقتصادية مع الصين، التي من المقرر أنالمزيد

    Read more

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *